وأقول: أن قوله: فالجود ما حمد الأولى منه قوله: فالحمد ما كسب، وذلك أن الإنسان إنما يعطي ماله ليكسب الحمد، فإذا منّ بالعطاء لم يحصل له ذلك، وهذا من قوله تعالى: (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) وفيه نظر إلى قوله - صلّى الله عليه -: أوغلوا في هذا الدّين برفق فأنّ المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.
وقوله: (الطويل)
خلقت ألوفا لو رحلت إلى الصّبا ... لفارقت شيبي موجع القلب باكيا
قال: هذا البيت شرح ما قبله، وفي دليل على إنه لمن فارق ذامّ، لأنه جعله كالشّيب.
وقال: لو فارقت الشيب الذي هو ذميم برحيل (إلى) الصّبا، الذي هو أفصل حياة الإنسان، لكان ذلك الفراق موجعا للقلب مبكيا للعين. وقد وصف نفسه في هذا البيت بوفاء لم يسمع مثله.