وقوله: (الوافر)
وما أنا منهم بالعيش فيهم ... ولكن معدن الذّهب الرّغام
قال: زعم إنه ليس من العالم لكونه فيهم، وإنما مثله مثل الذهب، معدنه الرّغام، وليس هو منه.
وأقول: هكذا قال الشّاعر، وكلا القولين يحتاج إلى تفسير:
والمعنى: أني وإن كنت فيهم، بعيشتي معهم ومقامي بينهم، فأنّي لست منهم، لأني شريف، وهم أخسّاء، فأنا فيهم كالذّهب في التراب، والمعدن موضع الإقامة، يقال: عدن بالمكان إذا قام به، ومنه قوله تعالى: (جنات عدن).
وقوله: (الوافر)
وخيل لا يخرّ لها طعين ... كأنّ قنا فوارسها ثمام
قال: أن أراد بعض الخيل، فهو صادق في ذلك، لأن كثيرا من الملوك تجري خيلهم في الميادين، ويلعب فرسانها بالرّماح المدة الطويلة، ولا يكون هنالك قتل ولا جرح، فكأنّ قناهم ثمام، وهو نبت ضعيف يغطّى به الاسقية، ويظلّل به الخيام المتّخذة من الشّجر.
وأقول: أن الشّيخ لهم يفهم المعنى وترتيبه على ما قبله، وذلك إنه وصف الملوك قبل، بالتّغفّل والتواني، وترك التّيقّظ بجعلهم أرانب، ثم وصفهم بالنّهم وكثرة الأكل،