قال: قوله: فؤاد خبر كلام محذوف، أو يكون مبتدأ محذوف الخبر، ويجوز أن يعني نفسه، ويحتمل أن يعني كلّ من له فؤاد، فإذا عنى نفسه قال: لي فؤاد أو فؤاد بين جنبيّ أو نحو ذلك. وإذا عنى كلّ فؤاد من النّاس، فالمعنى لكلّ فؤاد، أو: لكلّ إنسان، والعموم في هذا حسن من الخصوص، لأن أعمار أهل هذا العصر إذا قيست إلى القدم بطول الآباء، فأنها كالشّيء الحقير المتناهي في القصر.
(وأقول:) انظر إلى هذا التقسيم السّقيم!
وأقول: إنه لم يرد العموم بذكر الفؤاد والعمر، وإنما أراد الخصوص بهما - وهو يعني نفسه - أي: فؤادي فيه من الهموم ما لا تسلّيه المدام الموصوفة بنفي ألهمّ.
كقول أبي نواس: (الطويل)
إذا ما أتت دون اللهاة من الفتى ... دعا همّه عن صدره برحيل
وأشباه ذلك. وعمري منكّد بالأسفار والأقتار والأوجال، كعطاء اللئام، فأنه منكّد بالمنّ والتّسويف والتّرديد والمطال. فلا يريد بذلك العموم، وفؤاد كلّ أحد، وعمر
كلّ احد، لأنه ليس كذلك، فم يبق إلا الخصوص، والمراد به نفسه، لأنه لا معنى للعموم على ما بيّنته.