فيقال له: لم يرد بذلك إلا الحدث نفسها، وان كانت لا تحسّ بخير ولا شرّ، على وجه الاستعارة والمجاز، لا الحقيقة.
يقول: أن الحدث كانت من خوفها الروم، بمنزلة المجنون، أي: قلقة مذعورة، فلمّا قتلوا، كانت جثثهم عليها بمنزلة التّمائم، فقرّت وسكنت، كما يقرّ المجنون ويهدأ إذا علقت عليه التّمائم.
وقوله: (الطويل)
وقفت وما في الموت شكّ لواقف ... كأنّك في جفن الرّدى وهو نائم
قال: يقول: وقفت في وقت، من وقف فقد أيقن بموته، فكأنّك في جفن الرّدى، وهو نائم لا يحسّ بك.
وأقول: أن هذه الزيادة التي هي قوله: لا يحسّ بك لا أرى لها وجها من الصّواب يحمل عليه، ويوجّه إليه. والمعنى: وصف الحالة التي كان فيها من الحرب بالشدّة، وإن الواقف لا يشكّ في الموت، وإنّ سيف الدولة قد أحاط به الموت من كلّ جانب وأطبق (عليه)، وإنه في تلك (الحالة) التي تتغيّر فيها الوجوه، وتعبس خوفا من الموت، وتنهزم الأبطال كلمى، وجهه وضّاح وثغره باسم!