وقوله: (الوافر)
وضفّرن الغدائر لا لحسن ... ولكن خفن في الشّعر الضّلالا
قال: وصفهنّ بكثرة الشّعر، وأنّهنّ ضفّرن الغدائر، لا ليحسنّ بذلك، (بل) خفن أن يضللن في الشّعر، أي: يغبن، من قوله تعالى: (أئذا ضللنا في الأرض) أي غبنا، وهذه مبالغة في الصّفة، إذا صحّت للمرأة كانت عيبا. وقد وصفت الشعراء الشّعر بالكثرة، ولكنها لم تفرط في ذلك مثل هذا الإفراط.
وأقول: أن أبا الطّيب لم يرد الكثرة، وإنما أراد اللون. وكذلك أن الشعراء إذا شبّهت الشّعر، شبّهته بالظلام للونه، لا لكثرته، وقد قال المنبجيّ: (الكامل)
فالوجه مثل الصّبح مبيضّ ... والشّعر مثل الليل مسودّ
وقال بكر بن النّطّاح: (الكامل)
فكأنها فيه نهار مشرق ... وكأنه ليل عليها مظلم
وقال أبو الطّيب: (الطويل)
بفرع يعيد الليل والصّبح نيّر ... ووجه يعيد الصّبح والليل مظلم