قال: بقائي شاء، أي: أراد أن يرتحل عني، وهم لم يشاءوا الرّحيل، وهذه دعوى، لأنهم قد شاءوا الرحيل لا محالة، وادّعى أنهم زمّوا حسن الصّبر. . . ولم يزمّوا الإبل، وتلك دعوى ليست بالصّحيحة، لأن أصحاب الإبل، إذا ارتحلوا فلا بدّ من الأزمّة.
وأقول: أعجب من الشّيخ! كيف ينكر على أبي الطّيب مثل هذا، مع اطّلاعه على أشعار العرب، وكلامها، وما فيه من الإغراق في المبالغة، والتّوسع في الاستعارة، وهذا كما يقال: ما مات كعب، ولكن ماتت السّماحة، وما زال قسّ، ولكن زالت الفصاحة، وإن كان كعب قد وقع فيه الموت، وقسّ منه الزوال، ومنه قوله تعالى: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) وقول عبده بن الطّيب: (الطويل)
وما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنّه بنيان قوم تهدّما
وقوله: (الوافر)
وحجّبت النّوى الظّبيات عنّي ... فساعدت البراقع والحجالا
ذكر الشيخ القافية: الجلالا جمع جلّ وفسّره: ما جلّل به الهودج، وغيره: الحجالا، وهي المشهورة.
وقال: يقال: برقع وبرقع وبرقوع واستشهد