قال: يخضّب لحاهم بالدّم، كما يخضّب الشّيب بالحنّاء والكتم، الاّ أن عادة من يخضب شيبه إذا نصل أن يعيد الخضاب، وهذا الخاضب لا يفعل ذلك.
وأقول: إنه لم يتبيّن لِمَ لم يفعل ذلك؟ وذلك أن ضرباته إبكار، لا تثنّى، كما يحكى عن ضربات عليّ - عليه السّلام - فهو إذا ضرب القرن فخضّبه بالدماء، كانت تلك الضّربة قاضية لا يسلم منها (فينصل الخضاب)، فيحتاج إلى أن يضربه ثانية ليعيد الخضاب.
وقوله: (البسيط)
أعلى الممالك ما يبنى على الأسل ... والطّعن عند محبّيهنّ كالقبل
قال: قال: الطّعن عند محبّيهنّ لأنه جعل الطّعن جمع طعنة، والأشبه أن يكون مصدر طعن، فلو إنه في غير الشّعر، لكان الوجه أن يقول: والطّعن عند محبّيه.
وأقول: أن الضمير في محبّيهنّ راجع إلى الممالك، لا إلى الطّعن، فجعل الممالك بمنزلة المعشوقات، والطّعن بمنزلة القبل، أي: الطعن طّيب سهل، في جنب وصل الممالك، فإذا كان الضّمير كذلك، فليترك الشّعر شعرا، ولا يغيّر، ويغيّر له الضّمير.