النفوس غيرها، إلا أن ذلك جائز، لأن العادة جرت به. وادّعى أن كلام المنافق غير خاف، وإنما يظهر نفاقه في بعض الأوقات، وربّ منافق الغرّ، وحسب إنه الصديق المخلص!
وأقول: انظروا إلى كلام هذا الشّيخ وقوله: أن عادة بني آدم أن يظهروا المودة، وفي النّفوس غيرها ودخول الأنبياء والأئمة والصّالحين في ذلك، وهو النّفاق بعينه، ثم أردفه بقوله: إلا أن ذلك جائز، لأن العادة جرت به أي: جائز منهم النفاق، وعلله بجريان عادة النّفاق منهم، وهذا القول جهل بل كفر محض!
وقوله: وادّعى أن كلام المنافق ليس بخاف، وإنما يظهر نفاقه في بعض الأوقات.
فيقال له: بل يظهر نفاقه في أكثر الأوقات (بإمارات تتبيّن) فيه، وقرائن تدلّ عليه، فأطلق بأنّ كلام المنافق لا يخفى مجازا، لما يظهر في أكثر الأوقات. وهذه المآخذ التي أخذها على أبي الطّيب في هذا البيت كان الصواب أن لا تردّ عليه لظهور فسادها، وضعف اعتمادها.
وقال في قوله: (الطويل)
أرادوا عليّا بالذي يعجز الورى ... ويوسع قتل الجحفل المتضايق
الجحفل: الجيش العظيم، وقد اتّسعوا في هذه حتى وصفوا الرّجل بالجحفل، أي إنه يقوم مقام الجيش، قال اوس: (الطويل)
عبيد ذوي المال الكثير يرونه ... وان كان عبدا سيّد الأمر جحفلا
فيقال: اصل هذه اللفظة، التي هي الجحفل، إنه صفة، وهو العظيم، ثم وصف بها الجيش العظيم فقيل: جيش جحفل، أي: عظيم، ثم حذف الموصوف وأقيمت الصّفة