وقال في قوله: (الطويل)
أدرن عيونا حائرات كأنّها ... مركّبة أحداقها فوق زئبق
أراد، أنهم يبكون والدّمع يجول في العيون، كأنه زئبق، فشبّه به الدّمع، لأنهم إذا وصفوا الماء بالصّفاء قالوا: كأنه دموع. أراد أن نظرهم لا يثبت لكثرة البكاء.
وأقول: أن الشّيخ خبط في تفسير هذا البيت خبط مثله في قوله: والدّمع يجول في العيون كأنه زئبق، ولم يقصد هاهنا الدّمع فيشبّه بالزئبق، أو يشبّه به الماء لصفائه، على أن الدّمع يكون فوق الاحداق، ولا تكون الأحداق فوقه.
وقوله: إن نظرهم لا يستقرّ لكثرة البكاء خطأ، فإنّما ذلك لكثرة الحيرة لقوله:
أدرن عيونا حائرات. . . . . . . . . . . . . . . . . .
والتشبيه إنما هو للعيون دون الدّمع للحيرة بالفراق، جعلها كأنّ أحداقها مركّبة فوق زئبق، والزئبق لا يستقرّ ما وضع عليه (فلا يستقرّ النّظر).