ترك السّفه، وبذل الموجود، وحسن اللّقاء،
قال الغنويّ: (البسيط)
لا يمنع الناس منّي ما أردت ولا ... أعطيهم ما أرادوا حسن ذا أدبا
كأنه أنكر على نفسه أن يعطيه الناس ولا يعطيهم. واصطلح الناس، بعد الإسلام بمدة طويلة، على أن يسمّوا العالم بالشّعر والنّحو وعلوم العرب أديبا، وسمّوا هذه العلوم الأدب، وذلك كلام مولّد لأن هذه العلوم حدثت في الإسلام.
وأقول: لا شكّ أن أصل الأدب ما قال الشّيخ، وإنه نقل إلى العلوم التي ذكرها، ولكنّ هذا النقل لم يكن في الإسلام، كما ذكر، بعد مدة طويلة، بل في صدر الإسلام وزمن الفصاحة، من المعتبرين في البلاغة، كما أن اصل الفقه العلم، وهو يطلق على أشياء كثيرة، ثم وضع على علم الشريعة، واختصّ به دون غيره من
العلوم، وذلك الوضع والنقل أيضاً في صدر الإسلام من الفصحاء البلغاء المتقدمين المعتبرين في زمن الفصاحة، المأخوذ بقولهم، والمستشهد بلغتهم وكلامهم نثرا ونظما (في أوان البلاغة)، ولا يقال انهم مولّدون، فكذلك العلماء الذين كانوا في زمانهم، الواضعون اسم الأدب على العربية والشّعر، والواضعون اسم الفقه على علم الشّريعة، لا يقال: انهم مولّدون ولا أن (ما) أخذ عنهم من الأوضاع مولّد غير معتدّ به.