قال: يقول: يعجب الخيل أن تقتل الكماة، كما يعجب فرسانها. ألا تراه يقول في موضع آخر:
تَحمَى السُّيوفُ عَلى أعدائِهِ مَعَهُ ... كأنَّهُنَّ بَنُوهُ أو عَشَائِرُهُ
فإذا جاز أن يوصف السيف بأنه يحمى مع صاحبه، فالحيوان الذي يعرف كثيرا
من أغراض صاحبه - لأنه مؤدب معلم - أحرى بذلك.
فيقال له: هذا الذي ذكرته استعارة، والاستعارات لها مواضع تحسن فيها وتقبح، وهو جائز على وجه المجاز، وقد يقع المجاز في بعض المواضع أحسن من الحقيقة، ولكن الحقيقة، وهي أصحاب الخيل هاهنا، أولى من الخيل، فالضمير في: (يعجبها) في اللفظ راجع إلى الخيل، وهو في المعنى لأصحابها؛ يصفهم بالشجاعة والجرأة على القتل وسفك الدماء؛ يقول: يعجبها أن تقتل الكماة ولا تنظر بعدهم بل تموت في أثرهم.
وقوله:
هو النَّفيسُ الذي مواهِبُهَ ... أنفَسُ أمَوالِهِ وأسنَاهَا
قال: هذا تقصير في مدح ملك أن يقال له: هو النفيس.
فيقال له: ولم كان ذلك تقصيرا، والنفيس: هو الشيء الفاخر المرغوب فيه، المضنون