وأما قوله: وأي موضع للاخراق والإبراق والفرس في صفة الألفاظ.

فيقال له: هذه استعارة لم يسبق إليها، فلا يحتاج أن يقتدي بأحد فيها.

وأما قوله: هلا احتذى على مثال البحتري في الأبيات التي ذكرها.

فيقال له: لم يكن أبو الطيب ليحتذي به فيما هو اقل منها؛ ألا ترى إلى ما يحكى عنه من انه لما نظم قوله: الوافر

إذا اعوَجَّ القَنَا في حَامِليهِ ... وجازَ إلى ضُلوعِهِمُ الضُّلُوعَا

قال: كنت قلت:

. . . . ... وأشْبَهَ في ضُلوعِهمُ الضُّلُوعَا

ثم أنشدت بيتا لبعض المولدين يشلهه فرغبت عنه؛ يعني قول البحتري: الكامل

في مَأزَقٍ ضَنْكٍ تُخَالُ به القَنَا ... بينَ الضُّلُوع إذا انْحَنَيْنَ ضُلُوعَا

ولعمري ما أبيات البحتري بتلك الأبيات الغريبة المعاني المحكمة الألفاظ، وما المستحسن منها غير سهولتها وترك التكلف فيها. ولا أعلم لم خصها بالذكر دون غيرها مع أن لأبي تمام أشهر وأسير من أبيات البحتري وأشد أسرا وأتم معنى، وصف بها كتابا جاءه من الحسن بن وهب وهي: الوافر

فَضَضْتُ خِتَامَهُ فَتَبَلَّجَتْ لي ... غَرائِبُهُ عن الخَبَرِ الجَلِيِّ

وكان أغَضَّ في عَيْني وأنْدىَ ... على كَبدِي من الزَّهَرِ الجَنيِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015