قال ابن فورجة: جعل ابن جني الرماء والطعن من أصحاب الممدوح، ولا يكون هناك كثير مدح؛ لأن كل أحد إذا كان خلفه من يرمي ويطعن من أصحابه؛

فصدره واسع وقلبه مطمئن. وإنما أراد: خلفه رماء وأمامه طعن من أعدائه، وإنما المعنى: فإذا كان في مضيق من الحرب قد أحاط به العدو من كل جانب، لم يضجر، ولم يعد ذلك لضيق صدره.

فيقال له: الذي قاله ابن جني صحيح، والذي اعترضه ابن فورجة ليس بشيء، وذلك أن الرماء والطعن إذا كان خلفه من أصحابه في أعدائه، فلا بد أن يكون بعض أعدائه خلفه أيضا، فهو أمامهم متقدم يضرب بالسيف من هو قدامه وهم متأخرون عنه يطاعنون ويرامون. ولم يرد أبو الطيب ولا ابن جني إنه متقدم وأصحابه يتبعونه من ورائه محامين ومدافعين عنه؛ هذا لا طائل فيه وإنما في هذا الكلام تفضيل الممدوح بإفراط تقدمه على أصحابه ضاربا بالسيف وتأخرهم عنه مطاعنين ومرامين، وإشارة إلى قول زهير، وإن انحط عنه: البسيط

يَطْعَنُهُمْ في الوَرَى إذا اطَّعَنُوا ... ضارَبَ حتى إذا ما ضَارَبُوا اعْتَنَقَا

وأما قوله: وخلفه رماء وأماه طعن فليس ذلك في الكلام، ولا يكون هذا مثل قوله: مجزوء الكامل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015