قال: يقول: إذا انتدب الزمان للإساءة بما جبل عليه صارت عداوة المعادي مددا لقصده فجعل القناة مثلا لما في طبع الزمان، وجعل السنان مثلا للعداوة.

وأقول: هذه العبارة غير مرضية، والجيد لو قال: جعل الدهر، بما عرف من غدره بأبنائه، إذا انبت قناة فكأنما أنبتها لأذاهم ولم يقنع أحدنا منه بذلك الأذى حتى زاده بأن ركّب في تلك القناة سنابا، وذلك مثل لعداوة بعضنا بعضا، وهذا البيت تفسير لما قبله من قوله: الخفيف

وكأنَّا لم نَرْضَ فِينَا بِرَيْبِ ال ... دَّهْرِ حتَّى أعَانَهُ من أعَانَا

وهو من قول الآخر: الطويل

أعَانَ عليَّ الدَّهْرَ إذ حَكَّ بَرْكَهُ ... كَفَى الدَّهْرُ لو وكَّلْتَهُ بي كافِيَا

وقوله: الخفيف

غَيْرَ أنَّ الفَتَى يُلاقِي المَنَايَا ... كَالِحاتٍ ولا يُلاقِي الهَوَانَا

قال: يعني إن الحر أحب إليه الموت من أن يلقى ذلا وهوانا.

وأقول: إنه هوّن مراد النفوس فيما قبل وحقّره في جنب التعادي والتفاني فيه، ثم استثنى منه ما أفضى تركه إلى هوان، فإن لقاء الموت كالحا دون لقائه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015