مهلكة. فما ذكره ابن جني وجه حسن، وما ذكره ابن فورجة مثله في الجودة. وأما قول الواحدي: أن آخر البيت يدل على ما قال ابن جني؛ يعني: ولا يدل على ما قال ابن فورجة، فغير سديد لأن قوله:
. . . . . . ... مَاذَا لَقِينَا من الجُرْدِ السَّرَاحيبِ
يجوز أن يستعار هذا القول للمفاوز، كما ذكر، ويجوز أن يستعار للأمور المهلكة؛ كأنها تقول للخيل: ماذا لقينا منها بتنجيتها من أردنا إهلاكه، وتسليمها من حاولنا إتلافه؛ لأن القول منهما استعارة ومجاز لا حقيقة.
وقوله: الطويل
أبَى خُلُقُ الدُّنْيَا حَبيباَ تُدِيمُهُ ... فما طَلَبي منها حَبِيباً تَرُدُّهُ
قال: تديمه: من فعل الدنيا، وكذلك ترده؛ أي: تدفعه. ويجوز أن يريد: ترده إلى الوصل.
فيقال له: الوجه الثاني من الوجهين اللذين ذكرتهما هو الصحيح الجائز، والأول لا يجوز لأن ذلك لا يطلب، والبيت الذي بعده يدل على ما قلت، وهو قوله: الطويل
وأسْرَعُ مَفْعُولٍ فَعَلْتَ تَغَيُّراً ... تَكَلُّفُ شِيْءٍ في طباعِكَ ضِدُّهُ
يقول: إن الدنيا من طباعها التفرقة بين الأحباء فكيف أروم منها رد الحبيب؛ أي وصله والاجتماع به، وهو ضد طباعها. فترده بمعنى تدفعه لا معنى له.