وقال ابن فورجة: العادة والدربة ليستا مما يعرف به الحلال والحرام في الناس فكيف فيما لا يعقل! وإنما يعني أن سيف الدولة غاز للروم وهم كفار فلا يقتل إلا من حل دمه ونسب ذلك إلى سيوفه.
هذا كلامه.
وأظهر مما قاله أن يقال: إنما عنى بمعرفة الحلال والحرام أصحابها، فكأنه قال: وذوي ضبا يعرفون الحرام من الحلال، فلما حذف المضاف عاد الكلام إلى المضاف إليه.
وأقول: الأحسن من قال ابن فورجة: وأن يحمل الكلام على المجاز بجعل ذلك للسيوف دون أصحابها، لأن به تحصل الاستعارة، وتكمل الصناعة، وتختصر الألفاظ، وليس ذلك من باب: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) بلا مرية. ومثله قوله: الطويل
تَحَرَّجَ عن حَقْنِ الدِّماءِ كأنما ... يَرَى قتلَ نَفْسٍ تَرْكَ رأسٍ على جِسْمِ
فإنه صفة لسيف الممدوح، وهو صحيح، لا للممدوح.
وقوله: الكامل
يَقْمُصْنَ في مِثْلِ المُدَى من بَاردٍ ... يَذَرُ الفحولَ وهُنَّ كالخِصْيانِ