قال: الصحيح رواية من يروي بالفاء - يعني في أفرحت - ومعناه: أثقلت؛ يقال: أفرحه الدين: إذا أثقله.
يقول: لمّا وضعت المقاود على العرب لتقودهم إلى طاعتك أثقلت مقاودك رؤوسهم لأنك ضبطتهم ومنعتهم عن التلصص والغارة، فصاروا كالدابة التي تُقاد بحكمة شديدة، وشكيمة ثقيلة.
ومن روى بالقاف جعلهم قرحا؛ أي: بالغت في رياضتهم حتى جعلتهم كالقرح في الذل والانقياد.
والصحيح هو الأول لأن الذفرى لا تختص بالذل والانقياد إلا على بعد.
فيقال له: الرواية بالقاف اكثر، ولم يرد بذلك ما ذكرته من إنه جعلهم قرحا، ولكن: أقرحت من القرح؛ أي: جعلت المقاود في ذفرييها قروحا بشدة ضبطها لها وأخذها منها، وهو مثل ضربه لسيف الدولة في إذلالهم، وذلك أشبه بالاستعارة وابلغ في المعنى.
وقوله: الوافر
وغَيَّرها التراسُلُ والتَّشَاكي ... وأعْجَبَهَا التَّلَبُّبُ والمُغَارُ
قال: أي: غيرها عن الطاعة، إنها كانت ترسل لك الرسل وتشكو ما يجري عليها
من سراياك.
فيقال له: الصحيح ما قال ابن جني، ويقوله كل بصير! أي: غيرها عن الطاعة إنها راسلت وتشاكت ما يجري عليها من سيف الدولة؛ أي: من إذلالها وضبطها ومنعها مما كانت معودة له من العيث في البلاد والفساد. وهذا أشبه بالحال واحسن، واصح في الاستعمال.