الجماجم؟ وحذف ذكر الجماجم اكتفاء بذكر الغمائم كما قال الهذلي: الطويل

عَصَيْتُ إليها القلبَ إنِّي لأَِمْرِهَا ... مُطِيعٌ فما أدري أرشدٌ طِلابُهَا

أي: أم غيٌّ.

وأقول: يحتمل أن يكون ذكر ساقيين سقياها وهما المطر والدم، وجعلهما غمائم لكثرتهما؛ ولذلك استفهم؛ لأنه أُلبس عليه ذلك منهما. وإنما قصد المبالغة في كثرة إراقة دماء الروم حتى جعلها موازية للمطر وجمعهما ولم يبينهما اعتمادا على تبيينهما وتقسيمهما في البيت الذي يليه وهو قوله: الطويل

سَقَتْهَا الغمامُ الغُرُّ قبل نزوله ... فلما دنا منها سَقَتْهَا الجَماجِمُ

وقوله: الطويل

وكانَ بها مثلُ الجنون فَأصْبَحَتْ ... ومن جِيَفِ القَتْلَى عليها تَمَائمُ

قال: جعل اضطراب الفتنة فيها جنونا لها، وذلك أن الروم كانوا يقصدونها ويحاربون أهلها فلا تزال الفتنة بها قائمة، فلما قتل سيف الدولة الروم وعلق القتلى على حيطانها سكنت الفتنة وسلم أهلها فجعل جثث القتلى كالتمائم عليها.

وأقول: لم يرد تعليق الجثث على حيطانها، ولكن إلقاءها على أرضها، لأن تعليق الجثث إنما يكون في الشي الخفي القليل، والشاعر قد وصف كثرة القتل والقتلى إلى أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015