قال: أي لما رآك لم تسع عينه غيرك لعظمك في نفسه، وحُلت بينه وبين حياته فصار كالميت في بطلان حواسه إلا منك.
فيقال له: هذا قول ابن جني! وقد أجبت عنه وذكرت اتّباعك له في شرحه.
وقوله: الطويل
هو الجَدُّ حتى تَفْضُلَ العينُ أخْتَهَا ... وحتى يكونَ اليومُ لليوم سَيِّدا
قال: جعل العينين واليومين مثلا لكل متساويين يجد أحدهما ويحد الآخر؛ يقول: الجد يؤثر في كل شيء حتى العينين تجمعهما بنية ثم تصح إحداهما وتسقم الآخر، ويسود اليوم وكلاهما ضوء الشمس.
وأقول: إن قوله في العينين تصح إحداهما وتسقم الأخرى، بمعنى تعمى أو ترمد أو تحل بها آفة، غير صحيح، ولم يرد ذلك لأنه لا يصح به التمثيل، وكان يقال ذلك في اليدين أيضا بأن تُشل إحداهما وتسلم الاخرى، وإنما تفضل إحدى العينين أختها بأن تكون يمينا، ولعله امتنع من هذا القول نظرا إلى ديتهما وانهما سواء،
وليس المراد ذلك ولكن الفضل بين العينين بالإضافة إلى الإنسان وما هو معروف في الاستعمال. وكذلك القول في اليدين فمن ذلك قول النابغة: الوافر
ولو كَفِّي اليمينُ بَغَتْكَ خوناً ... لأفْرَدْتُ اليمينَ من الشّمالِ
وقول الآخر: الوافر
ترابُهُمُ وحَقِّ أبي تُرَابٍ ... أعزُّ عليَّ من عَيْني اليَمينِ
وهذا كثير أمثاله، مطرد استعماله.