بما عنده من السهاد والبكاء؛ أي: لا تجمع عليه اللوم والسهاد والبكاء؛ أي: فكما أن السهاد والبكاء قد أزالا كراه، فلتترك ملامتك إياه! وهذا كلام من لم يفهم المعنى وظن زوال الكرى عن العاشق. وليس على ما ظن ولكنه يقول للعاذل: هب انك تستلذ الملامة كاستلذاذك النوم، وهو مطرود عنك بسهاد العاشق وبكائه؛ فكذلك دع الملامة فإنها ليست بألذ من النوم؛ أي: فإن جاز أن لا تنام جاز أن لا تعذل.
وأقول: قول ابن جني اقرب إلى الصواب من قوله، والموضع الذي خطاه منه،
منه أخطأ! ولا شك أن فهمه انقلب هاهنا فتأوله اقبح تأول، وقال ما لم يقله من له أدنى تأمل! والمعنى قد بينته في شرح ابن جني أولا، واستقصيته في شرح الكندي آخرا.
وقوله: الكامل
لَوْ قلتَ للدَّنِفِ الحَزِيِن فَدَيْتُهُ ... مِمَّا به لأغَرْتَهُ بفِدائِهِ
قال: أراد: بفدائك إياه بأن تفديه فتقول: ليت ما بك من حزن الصبابة وبرح الأسى بي.
وأقول: هذا الذي ذكره إنما هو تمن له، وليس بفداء منه، والفداء أن يقول للمخاطب: فديتك مما بك، أو للغائب: فديته مما به، كما ذكر الشاعر.