قال: قال ابن جني: أحسن ما يخضب الحديد النجيع، وأحسن خاضبيه الغضب. وخاضبيه عطف على ما، وجمع الخاضبين جمع التصحيح لأنه أراد من يعقل وما لا يعقل كقوله تعالى: (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مّنِ مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ) لأنه لما خلط الجميع كنى عنهم يكنى عمن يعقل، وذكر الغضب مجازا وأراد صاحب الغضب.

وقال ابن فورجة: وخاضبيه: قسم؛ أراد: وحق خاضبيه وجعل الغضب خضابا للحديد لأنه يخضبه بالدم كما يقال: احسن ما يخضب الخدود الحمرة والخجل.

وأقول: الوجه ما قاله ابن جني لأنه أعرب وأغرب وأصنع؛ كأنه قال: أحسن خضاب الحديد وأحسن خاضبيه النجيع والغضب، فالنجيع أحسن ما خُضب به والغضب أحسن من خضبه، على الوجه الذي ذكره. وهذا مما أشرت إليه من أقوال ابن فورجة التي تُترك سدى لميله فيها عن طريق الهدى!

وقوله: الكامل

وَهَبِ الملامَةَ في اللذاذة كالكَرَى ... مَطْرودةً بِسُهَادِهِ وبُكَائِهِ

قال: قال ابن جني: اجعل ملامتك إياه في التذاذك كالنوم في لذته فاطردها عنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015