إحراز انتصار استراتيجي واحد، منذ انحسر مد الفتح الإسلامي العظيم حتى اليوم .. ولن يستطيع أحد أن يفعل ..
ثم شرع يتحدث عن القائد المنتصر (أسد بن الفرات) تلميذ الإمام مالك بن أنس الذي أوصاه بتقوى الله، والقرآن، والمناصحة لهذه الأمة .. كما تلقى (أسد) العلم على تلاميذ أبي حنيفة في بغداد: أبي يوسف، ومحمد، كما طلب العلم في مصر، وفيها ألف كتابه (المدوّنة الأسدية) التي جمع فيها أجوبة أستاذه ابن القاسم في الفقه، ثم عاد إلى (القيروان) فسمعها و (الموطأ) منه خلقٌ كثير، كما تلقّى الناس العلم عنه، حتى غدا إماماً، فولاّه ابن الأغلب قضاء إفريقية، فأقام في القيروان يقضي بين أهلها بالكتاب والسُّنّة، حتى خرج لغزو صقلية أميراً للجيش، فقد جمع له ابن الأغلب بين الإمارة والقضاء.
خرج أسد بجيشه المؤلف من عشرة آلاف رجل، منهم ألف فارس، حملتهم مئة سفينة، سنة 212 هـ وفي طريقه إلى (صقلية) فتح جزيرة (قوصرة) صلحاً، وتغلب أسد على الروم في معركة حامية جرت في ميدانٍ بين بالرمو ومازر سُمّي باسم (بلاطه) فيما بعد، وكان الصقليون يفوقون المسلمين عَدَداً وعُدَداً، كانوا مئة وخمسين ألف مقاتل. وفَرَّ الرُّومُ نحو الجبهة الشرقية، وحشدوا جموعهم حول مدينة (سرقوسة)، ولاحقهم أسد بجيشه المنتصر، مستثمراً النصر الذي حققه عليهم، وحاصر (سرقوسة) برّاً وبحراً، وفي ذلك الحين وصل أسطول الإمبراطور البيزنطي من القسطنطينية لنجدة الروم المحاصرين، واشتد القتال، وكانت معارك طاحنة خاضها المسلمون بقيادة الإمام أسد بن الفرات الذي ما لبث أن مات أثناء القتال سنة 213 هـ/ 828 م، وتمكن المسلمون من فتح جزيرة صقلية.
ثم تحدّث الكاتب عن الإمام القائد المنتصر أسد بن الفرات إنساناً،