ما نشاهده من حقائق هذا الكون ونظامه، فان ذلك يعد دليلا على صحة البديهية التي اخترناها. وعلى ذلك فان الاستدلال على وجود الله يقوم على أساس المطابقة بين ما نتوقعه اذا كان هنالك إله وبين الواقع الذي نشاهده.
والاستدلال بهذا المعنى ليس معناه ضعف الإيمان، ولكنه طريقة مقبولة البديهيات قبولا يتسم باستخدام الفكر، ويقوم على أساس الاقتناع بدلا من ان يكون تسليما أعمى.
والأدلة أنواع: منها الأدلة الكونية، ومنها الأدلة التي تقوم على ادراك الحكمة، ثم الأدلة التي تكشف عنها الدراسات الإنسانية.
فالأدلة الكونية تقوم على اساس ان الكون متغير، وعلى ذلك فانه لا يمكن أن يكون أبديا، ولابد من البحث عن حقيقة أبدية عليا. اما الأدلة التي تبنى على ادراك الحكمة فتقوم على اساس ان هنالك غرضا معينا أو غاية وراء هذا الكون، ولا بد ذلك من حكيم أو مدبر. وتكمن الأدلة الإنسانية وراء طبيعة الإنسان الخلقية، فالشعور الإنساني في نفوس البشر انما هو اتجاه إلى مشرع أعظم.
ولما كان اشتغالي بالعلوم ينحصر في التحليل الفيزيائي، فان الأدلة التي يتجه اليها تفكيري تعتبر من النوع الذي يبحث عن حكمة الخالق فيما خلق. ولاكتشاف القوانين التي تخضع لها الظواهر المختلفة، لابد من التسليم أولا بان هذا الكون أساسه النظام، ثم يتجه عمل الباحث نحو كشف هذا النظام.
ويبدأ الباحث عمله عند حل مشكلة من المشكلات بعمل نموذج أو تجربة تعينه على دراسة الظاهرة التي يدرسها، وليس النموذج أو التجربة الا محاولة لاختبار صحة فرض من الفروض. ويجب ان يكون هذا الفرض بسيطا مع مطابقته للواقع، ثم يدور البحث حول النموذج أو التجربة لمعرفة العوامل التي تؤثر في الظاهرة التي هي موضع البحث، فاذا كانت