النتائج مؤيدة للفرض الذي بدأ به، فانه يعده صحيحا لأن ما ينطبق على هذا النموذج ينطبق أيضا على سواه، مما يدل على تسليمنا بأن هنالك نظاما يسود هذا الكون.

ولا يمكن ان يتصور العقل ان هذا النظام قد نشأ من تلقاء نفسه من العدم أو من الفوضى، وعلى ذلك فان الإنسان المفكر لابد ان يصل ويسلم بوجود إله منظم لهذا الكون، وعندئذ تصير فكرة الألوهية احدى بديهيات الحياة، بل الحقيقة العظمى التي تظهر في هذا الكون، والمطابقة بين الفرض والنتيجة تعد برهانا على صحة هذا الفرض. والمنطق الذي نستخدمه هنا هو انه اذا كان هنالك اله فلا بد ان يكون هنالك نظام. وعلى ذلك فما دام هنالك نظام فلابد من وجود إله.

ويلاحظ ان للملحدين منطقهم، ولكنه منطق سلبي، فهم يقولون ان وجود الله يستدل عليه بشواهد معينة وليس ببراهين قاطعة، وهذا من وجهة نظرهم يعني عدم وجوده تعالى. انهم يردون على الأدلة الكونية بقولهم: ان المادة والطاقة يتحول كل منهما إلى الآخر بحيث يمكن ان يكون الكون بذلك أبديا. كما أنهم ينكرون النظام في الكون، ويرونه مجرد وهم، وهذا ينكرون الشعور النفسي بالعدالة والاتجاه نحو موجه أعظم، ومع ذلك لا يستطيعون ان يقيموا دليلا واحدا على عدم وجود الله، ومن منطقهم: ان الأدلة المقدمة لإثبات وجود الله لا تعتبر كافية من وجهة نظرهم.

وهنالك فئة أخرى من الملحدين لا يعترفون بإله لهذا الكون لانهم لا يرونه، ولكنهم لا ينفون وجود اله في كون أو عالم آخر غير هذا الكون. ولا شك ان هذا موقف مائع متضارب لا يستند إلى أساس سليم.

فاذا قارنا بين الشواهد التي يستدل بها المؤمنون على وجود الله، وتلك التي يستند اليها الملحدون في انكار ذاته العلية، لا تضح لنا ان وجهة نظر الملحد تحتاج إلى تسليم اكثر مما تحتاج اليه وجهة نظر المؤمن، وبعبارة اخرى نجد المؤمن يقيم ايمانه على البصيرة (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015