الرقيق، بل اننا نستطيع ان نرى فضلاته تخرج من جسم الأميبا قبل ان نرفع اعيننا من المهجر، فاذا ما لاحظنا هذا الحيوان فترة اطول، فاننا نشاهد كيف ينشطر جسمه شطرين، ثم ينمو كل من هذين الشطرين ليكون حيوانا جديدا كاملا. تلك خلية واحدة تقوم بجميع وظائف الحياة التي تحتاج الكائنات الكبيرة الاخرى في أدائها إلى آلاف الخلايا أو ملايينها. لاشك ان صناعة هذا الحيوان العجيب الذي بلغ من الصغر حد النهاية تحتاج إلى أكثر من المصادفة.
ولقد كشفت قوانين الكيمياء الحيوية من أسرار الحياة وظواهرها ما لم تكشفه القوانين في أي ميدان آخر من ميادين الدراسات العلمية. لقد كان الناس ينظرون إلى خفايا عمليات الهضم والامتصاص، ويستدلون بها على وجود التدبير المقدس. أما في الوقت الحاضر فقد أمكن شرح هذه العمليات ومعرفة التفاعلات الكيماوية التي تنطوي عليها والخميرة التي تقوم بكل تفاعل. ولكن هل يدل ذلك على انه لم يعد لله مكان في كونه؟ فمن اذن الذي دبر لهذه التفاعلات ان تسير؟ وان تسيطر عليها الأنزيمات تلك السيطرة الدقيقة المحكمة؟ ان نظرة واحدة إلى احدى الخرائط التي تبين التفاعلات الدائرية العديدة وما يدور بين كل منها والآخر من تفاعلات اخرى، كفيلة بان تقنع الانسان بان مثل هذه العلاقات لا يمكن ان تتم بمحض المصادفة، ولعل هذا الميدان يهيئ للانسان من العلم ما لا يهيئه اي ميدان آخر بان الله يسير هذا الكون تبعا لسنن رسمها ودبرها عندما خلق الحياة.
فاذا رفعنا أعيننا نحو السماء، فلا بد ان يستولي علينا العجب من كثرة ما نشاهده فيها من النجوم والكواكب السابحة فيها، والتي تتبع نظاما دقيقا لا تحيد عنه قيد أنملة مهما مرت بها الليالي وتعاقبت عليها الفصول والأعوام والقرون. انها تدور في أفلاكها بنظام يمكننا من التنبؤ بما يحدث من الكسوف والخسوف قبل وقوعه بقرون عديدة. فهل يظن احد بعد ذلك ان هذه الكواكب والنجوم قد لا تكون اكثر من تجمعات