عشوائية من المادة تتخبط على غير هدى في الفضاء؟ واذا لم يكن لها نظام ثابت ولم تكن تتبع قوانين معينة فهل كان من الممكن ان يثق الانسان بها ويهتدي بهديها في خضم البحار السبعة، وفي متاهات الطرق الجوية التي تتبعها الطائرات؟ قد لا يسلم بعض الناس بوجود الله سبحانه وبقدرته، ومع ذلك فانهم يسلمون بان هذه الأجرام السماوية تخضع لقوانين خاصة وتتبع نظاما معينا، وأنها ليست حرة تتخبط في السماء كيف تشاء.
الحق انه من قطرة الماء التي رأينا تحت المجهر إلى تلك النجوم التي شاهدناها خلال المنظار المكبر، لا يسع الانسان الا ان يمجد ذلك النظام الرائع وتلك الدقة البالغة والقوانين التي تعبر عن تماثل السلوك وتجانسه. ولولا ثقة الانسان في ان هنالك قوانين يمكن كشفها وتحديدها، لما أضاع الناس أعمارهم بحثا عنها. فبدون هذا الاعتقاد وتلك الثقة في نظام الكون يصير البحث عبثا ليس وراءه طائل. ولو انه كلما أجريت تجربة أعطيت نتيجة مخالفة لسابقتها بسبب توقفها على المصادفة أو عدم وجود قوانين مسيطرة، فاي تقدم كان من الممكن ان يحققه الانسان؟ لابد ان يكون وراء كل ذلك النظام خالق أعلى، فليس مما يقبله العقل ان يكون هنالك نظام أو قوانين دون ان يكون وراءها عقل أعلى ومنظم مبدع. وكلما وصل الانسان إلى قانون جديد فان هذا القانون ينادي قائلا: (ان الله هو خالق وليس الانسان الا مستكشفاً) .
ان وجود الله في حياتي اليومية حقيقة لا مراء فيها، حقيقة أقوى من الحقائق العلمية التي لا يتسرب اليها الشك، ومع ذلك فاننا بينما نستطيع ان نصف النجوم ونخطط مداراتها في السماء، أو نثبت الأميبا على شريحة من الزجاج ثم نصورها، نجد اننا لا نستطيع ان نحصل على مثل هذا الدليل المادي حول وجود الله. فالانسان لا يستطيع ان يدركه أو يعرفه حتى يتجه اليه اتجاها شخصيا، وتكون له خبرة به. فاذا رفض شخص ان ينظر خلال المجهر أو يتطلع إلى صورة الأميبا فانه يستطيع ان يجادل حول عدم وجودها فيطيل الجدال،