وماذا عن عش طائر بالتيمور؟ من الذي علم هذا الطير ذلك الفن الرفيع؟ ولماذا تتشابه جميع الاعشاش التي تبنيها الطيور من هذا النوع؟ اذا قلت الغريزة، فان ذلك قد يعد مخرجا من السؤال ولكنه اجابة قاصرة. فما هي الغرائز؟ يقول البعض: انها السلوك الذي لا يتعلمه الحيوان. اليس من المنطق ان نرى قدرة الله تتجلى في هذه الكائنات التي خلقها فسواها تبعا لقوانين خاصة لا نكاد ندري عن كنهها شيئا؟
نعم انني اعتقد بوجود الله؟ وأعتقد انه هو القدير الذي خلق الكون وحفظه، وليس ذلك فحسب، بل هو الذي يرعى درة خلقة وهو الانسان.
ولا يرجع هذا الاعتقاد الراسخ الذي يمتلئ به قلبي إلى تأثير الثقافة الامريكية الدينية عليّ فحسب، ولكنه يرجع ايضا إلى مشاهداتي العلمية لعجائب الكون، كما يرجع إلى شعوري به وإحساسي بوجوده داخل نفسي.
وحيثما قلب الانسان وجهه وجد أسئلة لا يجد لها جوابا، وهو عند محاولته العثور على الجواب يفترض فروضا عديدة، ثم لا يلبث ان يهجر معظمها أو يعدله تعديلا شاملاً قبل ان يصل إلى الاجابة عن سؤاله. وما أكثر ما وصل اليه الانسان من اجابات عن أسئلة، وما أكثر ما سوف يصل اليه من هذه الاجابات كلما انقضت من سنة من السنين، ولكن زيادة المعرفة لم تصل بالانسان – بكل أسف – إلى زيادة معرفته بالله، بل على نقيض ذلك يظهر انه كلما أحس الانسان انه أحاط بسر من أسرار هذا الكون اضعف ذلك من شعوره بالحاجة إلى فكرة وجود الله، وكان الأجدر بالبشر ان يدركوا ان هذه المستكشفات ليست الا أدلة ناطقة على وجود إله مدبر أعلى وراء هذا الكون.
عندما نذهب إلى المعمل ونفحص قطرة من ماء المستنقع تحت المجهر لكي نشاهد سكانها، فاننا نرى احدى عجائب هذا الكون: فتلك الأميبا تتحرك في بطء وتتجه نحو كائن صغير فتحوطه بجسمها، فاذا به داخلها، واذا به يتم هضمه وتمثيله داخل جسمها