Q يقول السائل: أنا شاب أضحى الزواج واجباً علي لأنه تتوقف عليه صحة الصلاة، ولا أملك تكاليف الزواج وقد قال الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] وقد عرض علي بعض الناس مساعدتي فما تقولون في ذلك جزاكم الله خيراً؟
صلى الله عليه وسلم أقول: إذا عرضت عليك المساعدة من دون سؤال فاقبلها وتزوج بها، وهذا داخل في ضمن قوله تعالى: {حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] فإن الله ساق إليك هذا الرجل ليساعدوك، أما أن تذهب وتسأل الناس ليساعدوك فهذا في النفس منه شيء، وإن كان بعض العلماء يقول لا بأس، وإن القاعدة عند بعض العلماء أن كل من جاز له أخذ شيء جاز له سؤاله، ومعلوم أن الإنسان الذي لا يجد ما يدفعه مهراً، معلوم أنه من أهل الزكاة، يدفع إليه من الزكاة ما يكفيه مهراً ولو كثر، لكن مع ذلك لا نرى أن الإنسان يسأل من أجل أن يتزوج، ونرى أن الأفضل والأورع أن يستعفف حتى يغنيه الله من فضله.
ويدل لهذا: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله وهبت نفسي لك -والنبي صلى الله عليه وسلم يجوز أن يتزوج بالهبة بدون مهر- فصعد فيها النظر وصوبه، ثم سكت كأنه لم يرغب فيها، فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا تصدقها؟ قال: أصدقها إزاري -قال سهل بن سعد وهو راوي الحديث: ماله رداء، ومعنى ماله رداء، يعني: ليس عليه إلا الإزار- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كيف تصدقها إزاراك، إن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار، وإن أبقيته لم تكن أصدقتها، لأنك ما أعطيتها الصداق، فقال: اذهب والتمس، حتى قال: التمس ولو خاتما ً من حديد -وهو من أزهد الأشياء- فجاء وقال: يا رسول الله ما وجدت شيئاً ولا خاتماً من حديد، قال: معك شيء من القرآن؟ قال: نعم.
سورة كذا وكذا، قال: زوجتكها بما معك من القرآن) يعني: فعلمها.
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل له، فلم يقل للناس تصدقوا عليه، وهو بنفسه ما ذهب يسأل الناس، لكن في حاجة الضرورة دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصدقة في القوم الذين جاءوا من مضر، ثم نزلوا في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام فتمعَّر وجه الرسول لما رأى هؤلاء القوم، وهم من أكابر العرب، وأشراف العرب؛ رآهم مجتابي النمار، قد أثر بهم الفقر، فدعا صلى الله عليه وسلم الناس إلى أن يتصدقوا عليهم فتصدقوا عليهم.
ولكنه لم يأمر الناس أن يتصدقوا على هذا الذي قال: ليس عندي ما أدفعه مهراً، بل قال: (التمس ولو خاتماً من حديد) وخلاصة الجواب: أن من ليس عنده مهر يستطيع أن يدفعه، فليستعفف ولا يسأل الناس، هذا هو الأفضل، لكن لو أعطي بدون مسألة فلا بأس أن يقبل وأن يدفع ما أعطيه صداقاً.