Q يقول السائل: هناك رجل يبلغ من العمر ما يقارب السادسة والستين، وهو رجل كبير في السن ولكن تزوج من امرأة شابة صغيرة، وكان أهلها قد أجبروها على الزواج من هذا الرجل الكبير، وأجبروا الرجل على دفع المهر وهو مبلغ مائتي ألف ريال ما صحة هذا الزواج؟
صلى الله عليه وسلم هل الفتاة وافقت؟ إن وافقت فالأمر إليها؛ لأن بعض النساء ربما توافق على أن تتزوج بهذا الرجل الكبير ابتغاء للأجر، حيث تريد أن ترأف به وتخدمه وتحسن إليه، وهذا قد وقع ما هو أعظم منه، وهي فتاة أعرف عنها أنها تزوجت برجل مشلول وهي امرأة شابة، فقيل لها في ذلك، قالت: إني أحتسب الأجر عند الله في خدمة هذا الرجل المشلول، فربما تختار المرأة رجلاً كبيراً من أجل أن تخدمه ابتغاء وجه الله عز وجل.
والمهم أنه ليس من شرط النكاح أن يكون بين الزوجين تناسب في العمر، بل لا بأس أن يتزوج الصغير كبيرة، أو الكبير صغيرة.
ألم تعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة ولها أربعون سنة، وعمره خمس وعشرون سنة، أي: الفارق بينها وبينه خمس عشرة سنة، هي أكبر منه وتزوجها، وتزوج عائشة وعمره في حدود الأربع والخمسين ولها ست أو سبع سنين، وبنى بها في المدينة ولها تسع سنوات، ومات عنها ولها ثماني عشرة سنة تقريباً، وله ثلاث وستون سنة، فبينهما فرق، والحاصل أنه ليس من شرط النكاح تقارب سن الزوجين، بل يجوز أن يتزوج الكبير صغيرة والصغير كبيرة.
فإذا رضيت الفتاة بأن تتزوج بهذا الرجل الكبير فلها ذلك والنكاح صحيح، لكن أنا حقيقة ساءني أنه يشترط على هذا الرجل الكبير مهراً يبلغ هذا الحد، وهو مائتا ألف، أيريدون أن يجبروا نقص عمره بزيادة الدراهم؟ هو ناقص العمر لأنه رجل كبير وقد بلغ هذا المبلغ، فيريدون أن يجبروا هذا بالدراهم، أرى أن هذا خطأ، ولو زوجوه بمهر معقول مثل غيره لكان أطيب للنفس، ولكان أبين في أن هذه الفتاة أرادت بذلك وجه الله.
وإذا قيل: إن المرأة مغصوبة وهي بكر وصغيرة، فنقول: إذا كانت المرأة مغصوبة فإنها إذا غصبت على الزواج من رجل وإن كان صغيراً فإن النكاح باطل، فكيف إذا كانت هي صغيرة وهذا الرجل له فوق الستين سنة، فالنكاح من باب أولى أن يكون فاسداً، فأي امرأة أجبرت على النكاح فنكاحها فاسد، سواء أجبرها أخوها أو عمها أو أبوها أو جدها، ليس لأحد أن يجبر امرأة على نكاح من لا ترغب.
كما أنه لا يحل للولي أن يمتنع من تزويج فتاة خطبها كفء ورغبت به، ثم يقول: لا أزوجه، فإن فعل ذلك فإننا نتعداه إلى ولي آخر يليه، فإن تعذر ولي آخر، انتقلنا إلى ولي ثالث، فإن أبى الأولياء كلهم، وقالوا: لا يمكن أن نزوج بنت فلان مع وجوده، انتقلت الولاية إلى القاضي، فترفع المرأة شكواها إلى القاضي، والقاضي يجب عليه أن يزوجها إذا كان الخاطب كفؤاً سواء رضي أبوها أو لم يرض.