{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفرقان:62] يخلف بعضه بعضاً، يأتي الليل فيذهب النهار، ويأتي النهار فيذهب الليل، بقدرة الله جل وعلا، وقد بيَّن الله لنا ذلك في قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ} [القصص:71] ؟
صلى الله عليه وسلم لا إله إلا الله، لا أحد يقدر على هذا إلا الله، لو اجتمعت الأمم كلها بأجناسها وأنواعها وقواتها ما استطاعوا أن يمنعوا الشمس لحظة واحدة، ولا أن يعجلوها لحظة واحدة {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ} ؟ الله عز وجل {أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص:72-73] الحمد لله.
إذاً جعل الله الليل والنهار خلفة، أي: يخلف بعضهما بعضاً، يأتي هذا ويذهب هذا، ويأتي هذا ويذهب هذا، ثم هناك آية أخرى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [لقمان:29] تارة يزيد النهار وينقص الليل، وتارة ينقص النهار ويزيد الليل، وتارة يتساويان.
من الذي يسير الشمس حتى يطول الليل أو النهار؟ الله عز وجل.
{خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62] (لمن أراد أن يذكر) أي: من الناس الذين لا يشكرون الله، لكن لو تأملوا لتذكروا، لو تأملوا بهذه القدرة الإلهية العظيمة؛ أن الله تعالى يجعل الليل والنهار خلفة لتذكروا {أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62] أي: أراد عبادة، ولهذا لنا عبادات مقرونة باختلاف الليل والنهار الفجر بطلوع الفجر، والظهر بزوال الشمس، والعصر إذا صار ظل كل شيء مثله، والمغرب بغروب الشمس، والعشاء بغروب الشفق، فالله تعالى جعل هذا الاختلاف لمن أراد أن يتذكر؛ لأن الإنسان بمجرد ما يتأمل -وإن لم يكن مؤمناً لكن بعقله- لا بد أن يعرف أن اختلاف الليل والنهار بحكمة من مدبر حكيم عز وجل.