هؤلاء جميعًا خمسة أفراد أو دون ذلك, فانظر إلى الكلمة الواحدة ذات المعنى الواحد بقي لمعناها طابعه المعجمي العام, واختلف معناها العددي بين الريف والمدينة, أي: بحسب الاعتبارات الاجتماعية والجغرافية في "المقام".

ويمكن لنا أن ندَّعي مثل ذلك عند النظر إلى الانتماء إلى إقليمٍ ما ذي ثقافة شعبية متميزة عن ثقافات الأقاليم الأخرى من الأمة نفسها؛ لأن معيارية السلوك في ظل عرفية هذه الثقافة تجعل "المقام" يختلف عنه في الأقاليم الأخرى. فالصعيدي الذي ينزل القاهرة ليزور أصدقاءه بها يؤذيه جدًّا أن يسأله إنسان من غير أفراد "الأسرة" عن حال زوجته أو صحتها أو بعض شئونها؛ لأن الزوجات هناك في الصعيد محجبات لا يراهن غريب عن الأسرة, وفي السؤال عن الزوجة اهتمام بشخصها غير مستحب لدى زوجها لصدوره من رجل غريب عن الأسرة. ولو أن الصعيدي المسئول كان على غير علم بنمطية السلوك لدى أهل القاهرة فربما نهر هذا السائل بسبب جرأته "غير المهذبة".

2- دور الفرد في الأداء:

وقد يكون الفرد هنا متكلمًا أو كاتبًا أو سامعًا أو قارئًا أو مناقشًا أو محادثًا أو لاغيًا أو واعظًا أو مخاطبًا خطابًا رسميًّا أو خطيبًا أو محاضرًا أو مساعدًا على إنجاز عمل أو مخططًا أو منظمًا أو ساحرًا أو رَّاقيًّا أو مصليًا أو داعيًا أو تاليًا للقرآن أو مسبحًا وهلم جرا. وقد يكون منفردًا أو واحدًا من جماعة. ولأمر ما اصطنعت اللغة بين معانيها العامة معاني التكلم والخطاب والغيبة, والإفراد والتثنية والجمع, والجنس والعهد, والتذكير والتأنيث, والتعريف والتنكير, والبناء للمعلوم والبناء للمجهول, وهلم جرا مما يشير إلى اعتداد اللغة باختلافات "المقام" الذي يجري فيه "المقال" من جهة, واعتدادها من جهة أخرى بدور الفرد في الأداء الكلامي إيجابًا وسلبًا. ولقد كانت هذه المعاني دائمًا في اللغات المختلفة أساس تنوع الإسناد, وأساس تنويع الضمائر في صورها ومعانيها, كما يتضح مما قدمنا الكلام عنه في النظام الصرفي من هذا البحث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015