أن نشرح الطريقة التبويبية التي يمكننا بها تبويب المقامات في إطار الثقافة الشعبية.
وأول ما نلاحظه أن التحليل والتبويب يمكن أن ينبني على الأسس الآتية:
1- دور الفرد في المجتمع.
2- دور الفرد في الأداء.
3- غاية الأداء.
وسنفصل القول في كل واحد من هذه الأسس على حدة:
1- دور الفرد في المجتمع:
ذكرنا أن الحياة الاجتماعية مسرح أكبر, وأن لكل فرد من أفراد المجتمع دورًا محددًا من حيث الأداء الكلامي والحركي، وأن النجاح الاجتماعي للفرد منوط بحسن أداء دوره على مسرح الحياة, فقد يكون الفرد أبًا أو أخًا أو ابنًا أو عضوًا في ناد أو جماعة, أو رئيسًا أو مرءوسا, أو أعلى أو أدنى, أو خادمًا أو مخدومًا, أو صديقًا أو شريكًا, أو أستاذًا أو طالبًا أو مربية, أو بائعًا أو مشتريًا, أو موظفا أو أجيرًا, أو متطوعًا، وقد يكون عسكريًّا أو مدنيًّا, أو عاملًا يدويًّا أو مفكرًا, أو صاحب مهنة أو عاطلًا, أو غنيًّا أو فقيرًا, أو مثقفًا أو جاهلًا, أو جادًّا أو هازلًا, أو قائدًا أو مقودًا, وهلم جرّا. وواضح أن الكلمة الواحدة بعينها قد يختلف معناها بحسب الدور الذي يؤد به الفرد. فعبارة: "إنه يشرب كثيرًا" مثلًا إذا قيلت في طفل صغير دلّت على نوعٍ من المشروبات, أما إذا قيلت في رجل مشهور بمعاقرة الخمر فإنها تدل على نوع آخر من المشروبات. وعبارة: "لا ينبغي لي أن ألبس هذه الملابس القصيرة" تختلف دلالتها الاجتماعية والمقاييس التي وصفت بالقصر بحسب ما إذا كان المتكلم رجلًا أو امرأة. وعبارة "أنا أحب هذه اللعبة" يختلف معناها حين يقولها طفل عنه حين يقولها رجل, بل يختلف حين يقولها متفرج عنه حين يقولها لاعب. وإننا إذا نظرنا إلى عضوية الأسرة باعتبارها دورًا اجتماعيًّا للفرد, فسنجد لكل عضو في الأسرة عبارات تناسب دوره لا يقولها غيره من أفراد الأسرة