شواجر أرماح تقطع دونها ... شواجر أرحام ملوم قطوعها

إذا احتريت يومًا ففاضت دماؤها ... تذكرت القربى ففاضت دموعها

فبكى لسماع هذا الشعر رجال القبيلتين وتصالحوا, وما ذلك إلّا لأنَّ المقال القديم المشهور قد قيل مرة أخرى في مقام يكاد يكون تامّ الشبه بمقامه الأصلي القديم.

وللوصول إلى معنى في صورته الشاملة لا بُدَّ أن نستخدم الطرق التحليلية التي تقدمها لنا فروع الدراسات اللغوية المختلفة التي فصَّلنا القول فيها من قبل, وهي الصوتيات والصرف والنحو "أي الفروع الخاصة بتحليل المعنى الوظيفي", ثم المعجم "وهو الخاص بالمعنى المعجمي", والحقائق التي نصل إليها بواسطة التحليل على هذه المستويات حقائق جزئية بالنسبة إلى المعنى الدلالي. ذلك بأن هذه الحقائق إما أن تكون وظائف "كما في الصوتيات والصرف والنحو" أو علاقات عرفية اعتباطية "كما في المعجم". فالوظائف تتضح كما سبق نتيجة للتحليل على المستويات الثلاثة الأولى, أما العلاقات العرفية الاعتباطية التي ذكرناها فالمقصود بها العلاقات بين المفردات وبين معانيها. ولقد سبق لنا عند الكلام عن الجملة الهرائية التي أوردناها في التقديم لدراسة "النظام النحوي" أن وجدنا هذه الجملة الهرائية مكتملة الوظائف ولكنها تفتقد العلاقات العرفية المعجمية؛ لأنها ليست مكونة من كلمات ذات معنى, وكذلك تفتقد العنصر الاجتماعي وهو "المقام". ولقد كان اكتمال الوظائف سببًا في قدرتنا على إعراب الجملة, ولكن قصورها معجميًّا واجتماعيًّا حال بينها وبين أن تكون نصًّا عربيًّا مفهومًا.

وكذلك الأمر حين تنفرد العلاقات العرفية بين الكلمات ومعانيها بالوجود, فلا تكون هناك وظائف ولا مقام. إن مجرد وضوح هذه العلاقات لا يؤدي إلّا إلى فهم للكمات المفردة على المستوى المعجمي إذ أنها هنا لم توضع في سياق. ووضوح معاني المفردات لا يكشف حتى عن المعنى الحرفي الذي سميناه "ظاهر النص" أو معنى "المقال"؛ لأن الذي لدينا هنا هو "المفردات" وليس "النص", وذلك أيضًا لأن معنى "ظاهر النص" يحتاج إلى الوظائف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015