حَسَنًا} قالوا: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء} فقال أبو الدحداح وقد فهم "المقام" فهمًا حقيقيًّا: "إن الله كريم استقرض منا ما أعطانا". وهذا يذكرنا بالمستشرق الذي سمع أحد الدراويش في إحدى طرقات القاهرة يصيح "مدد! ", وكان المستشرق يعرف المعنى المعجمي للكلمة, ولكنه لا يعرف ما وراءها من "مقام" ولذلك استفسر: "أيّ نوع من المدد يريده ذلك الرجل"؟ وأخيرًا ينبغي لنا أن نشير إلى أن المفسرين قد فطنوا منذ زمن سحيق في القدم إلى الفرق بين ظاهر القرآن وباطنه, فكان فهمهم لهذا الفرق تفريقًا منهم بين المعنى "المقالي" والمعنى "المقامي"، فإذا كان المعنى الدلالي يعتمد على هاتين الدعامتين فإن الشكل التالي ربما يوضح العلاقة بينهما توضيحًا كافيًا:

وقد يستعار "المقال" المشهور "للمقام" الطارئ "وهو ما يسمَّى بالاستشهاد أو الاقتباس" أثناء الحديث، والأصل في ذلك أننا نستطيع أن نوفق بين كلام ذائع الشهرة انقضى مقامه الأصلي الذي قيل فيه وبين مقام مشابه وجدنا أنفسنا فيه الآن, فنورد الكلام القديم الشهير في المقام الجديد على سبيل التلفيق. وكلما قوي التناسب بين المقال الشهير وبين المقام الطارئ كان ذلك من حسن الاستشهاد, ولقد رزق أبو بكر -رضي الله عنه- القدرة على حسن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015