استعمال الكلمة الثانية فتسوء سمعتها أيضًا, ولا يزال هذا المدلول الممجوج يستهلك الكلمات واحدة بعد الأخرى إلى ما لا نهاية. انظر مثلًا تعاقب الكلمات الآتية على معنى مكان قضاء الحاجة: غائط -خلاء -كنيف - بيت أدب - مرحاض - دورة مياه - حمام, وقد كانت كل واحدة من هذه الكلمات قبل إسقاطها مما لا يأنف الناس من الجهر باستعماله في الكلام, ولا يعلم إلّا الله ما الكلمات التي ستتعاقب بعد ذلك على هذا المدلول الذي يمجه الذوق في جهر الكلام. وهذه العرفية في الاستعمال وكل ما يتصل بها من مشاكل تعتبر قيدًا على مداخل المعجم, بمعنى أن المعجم لا ينبغي مطلقًا أن يشتمل على كلمات يخترعها الأفراد قبل أن تروج هذه الكلمات وتصل إلى مستوى الاستعمال العرفي, حتى ولو كان صاحب المعجم يتنبأ لهذه الكلمة بعينها بالرواج والوصول إلى المستوى العرفي؛ لأن المطلوب هو العرفية الواقعية لا المتوقعة.
والآن ننتقل إلى تناول المعنى المعجمي بالتحليل من النواحي الآتية:
أ- التعدد والاحتمال في المعنى المعجمي:
ب- شرح المعنى كيف يكون.
جـ- صلة المعنى المعجمي بأنظمة اللغة الثلاثة الصوتي والصرفي والنحوي.
أ- قلنا: إن من طبيعة المعنى المعجمي أن يكون متعددًا ومحتملًا, وهاتان الصفتان من صفاته تقود كل منهما إلى الآخر, فإذا تعدَّد معنى الكلمة المفردة حال انعزالها تعددت احتمالات القصد وتعدد احتمالات القصد يعتبر تعددًا في المعنى, والذي يجب ألّا يغيب عن أذهاننا دائمًا أن الكلمة في المعجم لا تفهم إلّا منعزلة عن السياق, وهذا هو المقصود بوصف الكلمات في المعجم بأنها "مفردات", على حين لا توصف بهذا الوصف وهي في النص حاشا بعد استخراجها منه لتحديد معناها المناسب. وإن تعدد معنى الكلمة في المعجم يرجع إلى صلاحيتها للدخول في أكثر من سياق, وثبوت ذلك لما بسبق استعمالها في نصوص عربية قديمة وحديثة. ومن صلاحيتها للدخول في أكثر من سياق ما يأتي