العرفية التي يقصد بها "الخبر غير المحقق الصدق", وكان الناس يستعملونها في الكلام والكتابة وفي نوبة من نوبات المطالب التي تعود الطلبة أن ينادوا بها, كنا نناقش أمر مطالبنا مع أستاذ لنا في حجرة الدراسة, وخطر لي وأنا أريد التكلم عن "إشاعة ما أن كلمة "شائعة" ربما كانت أصدق في التعبير عن المعنى المقصود, فاستعملته ورضي الأستاد عن هذا الاستعمال الجديد وقرَّظه واستعمله في أحديث الدينية في إذاعة القاهرة, فقلده الناس فيه واكتسبت الكلمة الرواج بينا كنت أنا من جانبي أرقب نمو هذا الوافد الجديد في الاستعمال, وأسرّ في نفسي شيئًا من الاعتزاز به.
وكلنا يعلم كيف يتحول المعنى تحولًا مقصودًا أحيانًا ويتطور تطورًا عاديًّا أحيانًا أخرى, فمعظم المصطلحات الفقهية الإسلامية في العبادات وغيرها كالصلاة والزكاة والصيام والحج والهدي والسعي ونحوها محوّل عن معانٍ لغوية عامة إلى معانٍ اصطلاحية خاصة عن طريق القصد والتعمد. كما أن من الملاحظ في تطور من عصر إلى عصر أنّ هذا التطور يعتبر صدًى لتحول اجتماعي خارج العقل, فيغلب الآخر على الكلمة التي كانت تدل على الأول؛ كلفظ الحرية مثلًا حين ألغي الرقيق وألغي معه التقسم الاجتماعي إلى عبد وحر, أصبح لفظ الحرية يستعمل استعمالًا مجازيًّا أولًا بمعنى القدرة على الاختيار سياسيًّا, ثم استمرَّ إطلاق الكلمة على هذا المعنى حتى اقتربت في دلالتها عليه من الحقيقة وضعف فيها عنصر المجاز, فلا يلمحه إلّا صاحب التفكير اللغوي. وقد تسوء سمعة الكلمة لطول ارتباطها بمدلول غير كريم فتطرح هذه الكلمة وتستعمل كلمة أخرى في مكانها غير مثقلة بارتباطات ممجوجة من جهة المعنى, فتستخدم فيه أولًا على طريق المجاز, ويعتبر عنصر الدلالة المجازية فيها مناط التبرير في قبولها حيث يعتبر استعمالها المجازي نوعًا من التنزه عن ذكر الكلمة الأولى التي ساءت سمعتها, ثم يطول الأمد على