الاستشهاد في تحديد المعنى, ويلمح إلى تطور البنية etymology وتطور الدلالة semantic shift بالنسبة لبعض الكلمات, والتضام الافتقاري والأسلوبي للكلمات, إلى غير ذلك مما يتناوله المعجم من الأمور العملية.

وأوضح ما في علم البيان من مباحث هو الدلالات الاستعمالية للكلمة, والمعروف أن الواضع يضع الكلمة أولًا للمعنى الحقيقي العرفي وليس للمعنى المجازي الفني, ولكن كلمات اللغة دائمًا وفي كل مجتمع أقل بكثير جدًّا من تجارب هذا المجتمع, فلو أن المجتمع اكتفى باستخدام الكلمات في معانيها الحقيقية لأصبحت تجاربه التي تعبّر اللغة عنها محدودة, ولضاع معظم تجارب المجتمع في متاهات النسيان؛ لأن الكلمة عقال المعنى, والمعنى الشارد بل عقال لا بُدَّ له أن يضل ويختفي ويضيع إلى الأبد, وكذلك كان لا بُدَّ من حل لهذه المشكلة في اتجاهين:

أ- محاولة إثراء اللغة بإيجاد كلمات للمعاني التي لم يعبر عنها, ولم توضع لها كلمات من قبل.

ب- محاولة الانحراف بالمعنى العرفي للكلمة إلى معانٍ أخرى فنية بيانية تسمَّى المعاني المجازية كالتشبية والاستعارة والمجاز المرسل.

غير أن هذه المعاني الفنية المجازية يكثر ترديدها على الألسنة مع إطلاقها المجازي الفني, فحين يطول عليها الأمد في هذا الاستعمال يميل الناس إلى اعتبار دلالتها على المعنى المجازي الجديد دلالة عليه على سبيل الحقيقة, ومن ثَمَّ يصبح معنى الكلمة متعددًا, وترصد لها هذه المعاني المتعددة في المعجم, فتكون الكلمة بين جلدتي المعجم محتملة لكل معانيها المعجمية المختلفة المنشأ حتى توضع في سياق يحدد لها واحدًا من هذه المعاني.

والعرف ملك المجتمع, ولا يمكن أن يكون ملكًا للفرد مهما كانت قوته, والحقيقة أن الفرد يحس دائمًا أنه عاجز عن تغيير النظم العرفية في مجتمعه, ويحس كما يقول علماء الاجتماع من أتباع المدرسة الفرنسية بجبرية الظواهر الاجتماعية, حتى إنه في النهاية يشعر بأنه مضطر إلى مطابقة الاستعمال الاجتماعي في جميع مظاهر سلوكه، وكل ذلك صادق على النشاط اللغوي للفرد ينشأ ليجد أمامه مجموعة ضخمة من الكلمات المحددة الأشكال صرفيًّا والمحددة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015