مجتمع إلى اختيار كلمة معينة ليدل بها على هذا المعنى؟ الجواب: بالتعارف. إذًا فما هو أساس التعارف؟ الجواب: الاعتباط. المنطق ولا الطبيعة.
"وذلك أن نظم الحروف هو تواليها في النطق فقط, وليس نظمها بمقتضى عن معنى ولا الناظم لها بمقتف في ذلك رسمًا من العقل اقتضى أن يتحرَّى في نظمه لها ما تحراه, فلو أن واضع اللغة كان قد قال: "ربض" مكان ضرب لما كان في ذلك ما يؤدي إلى فساد"1.
لقد أشرنا في مقدمة هذا الكتاب إلى أن "علم البيان" وهو فرع من فرع "علم البلاغة" يصلح أساسًا نظريًّا لبناء علم خاصٍّ بدراسة المعجم نظريًّا وعمليًّا يسمى"علم المعجم", أما نظريًّا فإن هذا العلم يمكن أن يشرح لنا كيفية وضع الكلمات وهي رموز للمعاني, فيتناول الاشتقاق والارتجال والتعريب والنحت والتوليد وهلم جرا من الطرق التي يبينها فقه اللغة, والتي يمكن للكلمة العربية التي تبنى على أساسها, ويشرح كذلك القيمة العرفية لدلالة الكلمة مبينًا الفرق بين العرف الخاص والعرف العام في معنى الكلمات, ويشرح لنا طبيعة المعنى المعجمي وتعدده واحتماله, والفرق بينه وبين المعنى الوظيفي والمعنى الدلالي, ويشرح لنا المقصود بالكلمة مع محاولة تحديد حدودها على أسس شكلية, فيقول لنا: متى تبدأ الكلمة العربية ومتى تنتهي وما الذي يعتبر كلمة مستقلة, وما الذي يعتبر جزء كلمة, ويشرح لنا الدلالات الاستعمالية للكلمة ما بين الحقيقة والمجاز, ويبين لماذا كان المعنى المجازي معتبرًا في المعجم, ويتناول مباحث نظرية بيانية أخرى لا غنى للمعجم عنها. وأما عمليًّا فيشرح لنا أفضل منهج لوضع المعاجم ذاكرًا الغاية الأساسية من كتابة المعاجم, وما الذي يتوقعه المرء حين يتناول المعجم في يده ليكشف عن كلمة, ومن هنا يتطرق إلى الصلة بين المعجم وبين علم الصوتيات, ثم إلى الصلة بينه وبين نظام الإملاء ومايشتمل عليه نظام الإملاء من إشارات صوتية وصرفية, ثم إلى الصلة بين المعجم وبين علم الصرف, وكذلك الصلة بين شواهده وبين علم النحو "لأن الكلمة المفردة لا تتصل بالنحو, ولكن الشواهد على طرق استعمالها ومعانيها تتصل به" ثم يذكر بعد ذلك أمثل طريقة لشرح الكلمة وقيمة