وقوله:

أرى الناس الظلام وأنت نور ... وإني فيهم لإليك عاش

أدخل اللام على إليك, وإنما حقيقتها أن تدخل على عاشٍ؛ ولكن العرب تفعل ذلك, ولها أحوال أربع:

الأولى: أن يقال: إني إليك لعاشٍ, فهذا الوجه؛ وهو أن تدخل اللام على الذي هو الخبر في الحقيقة.

والحال الثانية: أن يقال: إني لإليك عاشٍ؛ فتدخل اللام على ما هو متصل بالخبر, وليس ذلك بقبيحٍ, ومثله قول أبي زبيدٍ: [البسيط]

إن امرأً خصني عمدًا مودته ... على البعاد لعندي غير مكفور

وإنما الكلام: لغير مكفورٍ عندي.

والحال الثالثة: أن يقال: إني لإليك لعاشٍ؛ فتدخل اللام على إليك, ثم تدخل على عاشٍ؛ لأنه الذي تقع به الفائدة للسامع, وذلك أشد من الوجه الذي قبله.

والحال الرابعة: أن يقال: إني لعاشٍ لإليك فهذا لا يجوز عندهم؛ لأن اللام وقعت في موضعها, فلا حاجة إلى أن تعاد. والعاشي: الذي يسير في ظلمة الليل على ضوءٍ قليل, قال الحطيئة: [الطويل]

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نارٍ عندها خير موقد

وقال الهذلي: [الطويل]

شهابي الذي أعشو الطريق بضوئه ... ودرعي فليل الناس بعدك أسود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015