المعنى مفهوم, ولأن الفرسان يتوصلون إلى ذلك بالخيول. والنبيط: هذا الجيل المعروف, وهم النبط والأنباط, قال الراجز: [الرجز]

فهن يلغظن به إلغاطا ... كالترجمان لقي الأنباطا

وزعم بعض الناس أنهم سمواة نبيطًا؛ لأنهم يستنبطون ما في الأرض من ماء, ويحرثونها للباذر, فيؤدي ذلك إلى نبت الزرع؛ فكأنهم يستنبطونه منها. ومن ذلك قولهم: حفر فلان بئرًا فأنبط الماء, واسم الماء: النبط؛ لأنه أنبط. وإذا مدحوا الرجل قالوا: لا ينال نبطه؛ أي: لا يعلم ما في نفسه؛ لأن كتمان السر مما يوصف به الإنسان, قال الشاعر: [الطويل]

قريب ثراه لا ينال عدوه ... له نبطًا, صدق الفعال أريب

يريد بقوله: قريب ثراه: أنه إذا سئل وجده السائل قريب المعروف لا يتعب الطالب. وإنما زعم الزاعم أن النبيط اشتقوا من إنباط الأرض؛ لأنهم يباشرون العمل كثيرًا, ويكون منهم الفلاحون, والذين يعمرون القريات, ولذلك خصهم أبو الطيب لما قال:

ولو كانوا النبيط على الجحاش

لأنهم لم تجر عادتهم بركوب الخيل, وإنما يركبون الحمر. وقوله:

تطاعن كل خيلٍ كنت فيها

ثم قال: ولو كانوا؛ لأنه أراد فرسان الخيل, وهذا مما تقدم ذكره؛ أي: إن أصحابك يشجعون إذا رأوا شجاعتك, فيقاتلون تشبهًا بك, وذلك مناسب لقولهم في المثل: «العاشية تهيج الآبية».

والجحاش جمع جحشٍ, وهو ولد الحمار, ويقال في الجمع جحشان, قال القطامي: [الطويل]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015