قال السَّكَّاكي: فكونُ التقديم يفيدُ التشويق حقُّه تطويلُ الكلام في الخبر، وإلا لم يحسن ذلك، وذلك لأنه كلما كثر التشويق بالتطويل؛ بذكر أوصافه الجارية، ازدَادَ شوقُ السامع إلى المبتدأ، و (سبحان): مصدرٌ لازم النصب بإضمار الفعل، وهو عَلَمٌ على التسبيح، علم جنس للمعنى، وإنّما أُضيف، مع كونه علمًا، بتقدير تنكيره، ثمّ إضافته، ومعنى التسبيح: التنزيه؛ أي: أنزِّهُ اللهَ تعالى عما لا يليق به، وقوله: (وبحمده): الواو فيه للحال، والتقديرُ: وأُسبحه متلبِّسًا بحمدي له؛ من أجل توفيقه لي للتسبيح ونحوه، أو قوله: (وبحمده): وبحمده عطفُ جملة على جملة؛ أي: أُسبحه، وأتلبس بحمدِه.
والمختارُ في تعريف الحمد: أنه الثناءُ على الجميل الاختياري على وجه التعظيم، وسبقَ أن الإشارةَ بسبحانَ اللهِ: إلى جميع صفاته تعالى السلبية، المسماة بصفات الجلال، وبالحمد: إلى صفاته الوجودية، وهي الكمالات المسماة بصفات الإكرام؛ كما قال تعالى: {ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] ورتبا على النظم الطبيعي، وهو إثبات التخلية عن النقصان، ثمّ التحلية بالكمال.
وفيه نكتةٌ أُخرى، وهي: أنه ذكر أولًا اسمَ الله الّذي هو اسمُ الذات المقدسةِ الجامعةِ لجميع الصفات العُلْيا، والأسماء الحسنى، ثمّ وصفه بالعظيم الشاملِ لسلبِ ما لا يليق به، وإثباتِ ما يليق؛ إذ هذا