(خمسين يمينًا)؛ أي: أنَّ حُكم القَسامة مخالِفٌ لسائر الدَّعاوي مِن جِهَة أنَّ اليمين على المُدَّعي، وأنها خمسون يمينًا، وذلك عند اللَّوث كالعَداوة الظَّاهرة هنا بين المُسلمين واليهود.
قلتُ: الخَمْسون دَعوى القتْل مطلَقًا، حتَّى تكون في ما لا لَوثَ فيه من جانب المدَّعى عليه، والمردودة على المدَّعي ومع الشَّاهد الواحد حيث كان في مُوجَب مالٍ.
قال (ن): وإنما عقلَه - صلى الله عليه وسلم - قطْعًا للنِّزاع، وجبرًا لخاطرهم، وإلا فاستِحقاقُهم لم يثبُت، ولفظ: (فعقله)؛ أي: أدَّى عقْله، وهو دِيَتُه، يُقال: عقَلْتُه: أدَّيتُ دِيَته، وعقَلْتُ عنه، إذا لزمتْه ديةٌ فأدَّيتَها عنه، وفي "النَّسائي": أنَّه قسم ديتَه عليهم، وأعانهَم بنِصْفها.
(من عنده) يحتمل مِن خالص ماله، أو مِن بيت المَال ومَصالح المُسلمين، وحقيقة الدَّعوى أنها لعبد الرَّحمن أخِي المَقتول.
فأما قوله: (يحلِفُون) مخاطِبًا لابنَي عمِّه مع الأخ إشارةٌ لتكلُّم الأكبر في سماع صُورة القَضيَّة، فإذا عرفتْ وتوجَّهت الدَّعوى واليمين استقلَّ صاحبُها بذلك.
ويحتمل أن عبد الرَّحْمَن وكَّلَ أكبر، أو أمرَه بتوكيله فيها، وعند اليمين يحلِف المستحِقُّ، وهذا كان من المعلوم عندهم أن اليمين تختصُّ بالوارِث، فأَطلَق الخِطاب لهم، والمراد مَن يختصُّ به.
قال: ورُوي عن جماعةٍ إبطالُ القَسامة، وأنه لا حُكم لها،