قبْلَ قُدومهم المدينة، فليُحمل قوله: (فصامَه) على المُداوَمة لا الابتِداء، قيل: أو كانَ تَركَه، ثم لمَّا عَلِمَ ما عند أهل الكتاب فيه عادَ وصامَه، أو لعلَّ ابن عباس ما كان يَعلَم أنه كان يَصومُه قبل القُدوم.

واعلَم أنَّه - صلى الله عليه وسلم - لم يَعتمِد على قَول اليهود في ذلك؛ لجَواز أنَّ الوحي نزَلَ على وَفْقه، أو صامَه باجتهادٍ، أو أخبره مَنْ أسلَم منْهم كابن سَلاَمٍ، أو كان المُخبرون منهم عدَد التَّواتُر؛ إذْ ليس من شَرْط التَّواتر الإسلام.

(أمر بصيامه) دليلُ مَن قال: كان قَبْل النَّسْخ واجبًا، كما أنَّ: (ولم يُكتَب عليكُم) حُجَّةُ مَن قال بعَدَم الوُجوب.

* * *

2005 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن عَبْدِ الله، حَدَّثنا أبو أُسَامَةَ، عَنْ أَبي عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بن مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بن شِهابٍ، عَنْ أَبي مُوسَى - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ يَوْمُ عَاشُوراءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا، قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فَصُومُوهُ أنتمْ".

السادس:

(عيدًا)، قد سبَق أن اليَهود تصومه، والعِيْد لا يُصام، وأيضًا: فصُومُوا أنْتُم، يُشعِر بأنَّ الصَّوم لمُخالفتهم، وسبق أنه كان لمُوافقتهم، فيُجمَع بأنه لا يَلزم من عَدِّهم إياه عِيْدًا أن يكون عيدًا حقيقةً، وأيضًا فيحتمل أن العيْد لا يمتَنِعُ صومُه؛ إذ هؤلاء اليهود غير يَهود المدينة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015