فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِكُمْ، وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَاحَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ".
فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ تَخَلَّفَ أَبُو ذَرٍّ، وَأَبْطَأَ بِهِ بَعِيرُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دَعُوهُ، فَإنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ، فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ بِكُمْ، وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَاحَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ".
وَتَلَوَّمَ (?) أَبُو ذَرٍّ عَلَى بَعِيرِهِ، فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ أَخَذَ مَتَاعَهُ فَحَمَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مَاشِيًا يَتْبَعُ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في بَعْضِ مَنَازِلهِ، فَنَظَرَ نَاظِرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَمْشِي عَلَى الطَّرِيقِ وَحْدَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كُنْ أَبَا ذَرٍّ" فَلَمَّا تَأَمَّلَهُ القوْمُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ وَاللَّهِ أَبُو ذَرٍّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رَحِمَ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ، يَمْشِي وَحْدَهُ، وَيَمُوتُ وَحْدَهُ، وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ" (?).
وَقَدْ تَحَقَّقَ قَوْلُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في أَبِي ذَرٍّ -رضي اللَّه عنه-، فَإِنَّهُ في خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رضي اللَّه عنه-، سَكَنَ أَبُو ذَرٍّ الرَّبَذَةَ (?)، وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَهُ وَغُلَامَهُ، فَلَمَّا