قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: كِدْتُ يَا نَبِيِّ اللَّهِ أَنْ أَهْلِكَ بِتَخَلُّفِي عَنْكَ، وَتَزَيَّنَتْ لِيَ الدُّنْيَا، وَتَزَيَّنَ لِي مَالِي في عَيْنِي، وَكِدْتُ أَنْ أَخْتَارَهُ عَلَى الْجِهَادِ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَدَعَا لَهُ بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ (?).
وَهَكَذَا نَجَا أَبُو خَيْثَمَةَ -رضي اللَّه عنه-، لِأَنَّهُ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْ هَذِهِ الْغَزْوَةِ إِلَّا مُنَافِقٌ أَوْ رَجُلٌ ضَعِيفٌ مَعْذُورٌ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: . . . فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ في النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَطُفْتُ فِيهِمْ أَحْزَنَنِي أنِّي لَا أَرَى إِلَّا رَجُلَا مَغْمُوصًا (?) عَلَيْهِ النِّفَاقُ، أَوْ رَجُلَا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ (?).
أَمَّا أَبُو ذَرٍّ -رضي اللَّه عنه- فَقَدْ أَبْطَأَ بِهِ بَعِيرُهُ، فَأَخَذَ مَتَاعَهُ فَحَمَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللَّهِ مَاشِيًا حَتَّى أَدْرَكَهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، جَعَلَ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ الرَّجُلُ، فَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تَخَلَّفَ فُلَانٌ، فَيَقُولُ: "دَعُوهُ، فَإِنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ