وَكَانَ أَبُو خَيْثَمَةَ -رضي اللَّه عنه- مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَلَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى تَبُوكَ أَيَّامًا، دَخَلَ أَبُو خَيْثَمَةَ -رضي اللَّه عنه- عَلَى أَهْلِهِ في يَوْمٍ حَارٍّ، فَوَجَدَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ في عَرِيشَيْنِ لَهُمَا في حَائِطِهِ (?)، قَدْ رَشَّتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَرِيشَهَا، وَبَرَّدَتْ لَهُ فِيهِ مَاءً، وَهَيَّأَتْ لَهُ فِيهِ طَعَامًا، فَلَمَّا دَخَلَ قَامَ عَلَى بَابِ الْعَرِيشِ، فنَظَرَ إِلَى امْرَأَتَيْهِ وَمَا صَنَعَتَا لَهُ، فَقَالَ -رضي اللَّه عنه-: رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الضِّحِّ، وَالرِّيحِ، وَالْحَرِّ (?)، وَأَبُو خَيْثَمَةَ في ظِلٍّ بَارِدٍ، وَطَعَامٍ مُهَيَّأٍ، وَامْرَأَةٍ حَسْنَاءَ في مَالِهِ مُقِيمٌ! ! مَا هَذَا بِالنِّصْفِ (?)، ثُمَّ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: وَاللَّهِ لَا أَدْخُلُ عَرِيشَ وَاحِدَهٍ مِنْكُمَا حَتَّى أَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَهَيِّئَا لِي زَادًا، فَفَعَلَتَا، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، وَانْطَلَقَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى أَدْرَكَهُ بِتبوكٍ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَهُوَ نَازِلٌ بِتبوكَ، قَالَ النَّاسُ: هَذَا رَاكِبٌ عَلَى الطَّرِيقِ مُقْبِلٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ"، فَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هُوَ وَاللَّهِ أَبُو خَيْثَمَةَ، فَلَمَّا أَنَاخَ بَعِيرَهُ سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَبَكَى -رضي اللَّه عنه-، فَقَالَ لَه رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَوْلَى لَكَ يَا أَبَا خَيْثَمَةَ" (?).