قَال فَقَال عُمَرُ: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ، مَا أَخطَؤُوا الْحُدُودَ التِي حَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. قَال: فَجُعِلُوا فِي بِئْرٍ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حَتى انْتَهَى إِلَيهِمْ فَقَال: "يَا فُلانَ بْنَ فُلانٍ، ويا فُلانَ بْنَ فُلانٍ، هَل وَجَدتُم مَا وَعَدَكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ حَقًّا؟ فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي اللهُ حَقًّا".
قَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيفَ تُكَلِّمُ أَجسَادًا لَا أَروَاحَ فِيهَا؟ قَال: "مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ. غَيرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيَّ شَيئًا"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رؤساء المشركين في اليوم التالي (قال) أنس (فقال عمر) رضي الله عنه (فوالذي) أي فأقسمت بالإله الذي (بعثه بالحق) أي بالدين الحق (ما أخطئوا) أي ما أخطأ قتلى المشركين وما خالفوا في مصارعهم (الحدود) أي الأماكن المحددة (التي حد) ها وعينها (رسول الله صلى الله عليه وسلم) لمصرعهم وقتلهم يعني أنهم قتلوا في عين تلك المواضع التي أرانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها قبل يوم وهذا من معجزاته الباهرة والبراهين الساطعة على كونه رسولًا مبلغًا من رب العالمين (قال) عمر (فجعلوا) أي جعل أولئك القتلى وطرحوا (في بئر) بدر وقليبه، حالة كونهم مرميًا (بعضهم على بعض) آخر (فانطلق) أي ذهب (رسول الله صلى الله عليه وسلم) من مركزه (حتى انتهى) ووصل (إليهم) أي إلى أولئك القتلى بعدما طُرحوا في البئر (فقال) مخاطبًا لهم (يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان) بنصب فلان في الموضعين على أنه منادي شبيه بالمضاف ونصب ابن فيهما على أنه صفة للمنادى (هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقًّا) أي صدقًا من تعذيبكم على شرككم (فإني قد وجدت ما وعدني الله) من النصر على المشركين (حقًّا) أي صدقًا فـ (قال عمر) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تكلم) وتخاطب (أجسادًا لا أرواح فيها، قال): رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر (ما أنتم) أيها الحاضرون (بأسمع) أي بأكثر سماعًا (لما أقول) وأتكلم به (منهم) متعلق بأسمع أي من هؤلاء الأجساد التي لا أرواح فيها (غير أنهم) أي لكن أن هؤلاء الأجساد (لا يستطيعون) ولا يقدرون (أن يردوا على شيئًا) من الجواب، قال المازري: قال بعض الناس: الميت يسمع عملًا بظاهر هذا الحديث، ثم أنكره المازري وادعى أن هذا خاص بهؤلاء القتلى، ورد عليه القاضي عياض وقال: يُحمل