وَإِنْ تَسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ فَقَالَ: "أَيْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيءٍ يَرِيبُكِ مِنْ عَائِشَةَ؟ " قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْراَ قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وسل الجارية تصدقك، ففوض الأمر في ذلك إلى نظر النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه قال: إن أردت تعجيل الراحة ففارقها وإن أردت خلاف ذلك فابحث عن حقيقة الأمر إلى أن تطلع على براءتها لأنه كان يتحقق أن بريرة لا تخبره إلَّا بما علمته وهي لم تعلم من عائشة إلَّا البراءة المحضة اه.

ثم قال علي رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإن تسأل الجارية) أي بريرة عن حالها (تصدقك) الجارية أي تخبرك كلامًا صادقًا في شأنها وهو مجزوم على أنه جواب لإن الشرطية (فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة) مولاة عائشة رضي الله تعالى عنهما، واستشكل قوله الجارية بريرة بأن قصة الإفك قبل شراء بريرة وعتقها لأنه كان بعد فتح مكة في السنة التاسعة أو العاشرة لأن بريرة لما خُيرت واختارت نفسها كان زوجها مغيث يتبعها في سكك المدينة يبكي عليها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: "يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة" والعباس إنما سكن المدينة بعد رجوعهم من الطائف في أواخر سنة ثمان وذلك رد على ابن القيم حيث قال تسميتها بريرة وهم من بعض الرواة فإن عائشة إنما اشترت بريرة بعد الفتح ولما كاتبتها عقيب شرائها وعتقت خُيرت فاختارت نفسها فظن الراوي أن قول علي وإن تسأل الجارية تصدقك أنها بريرة فغلط قال وهذا نوع غامض لا يتنبه له إلَّا الحذاق اه وتبعه الزركشي فقال إن تسمية الجارية بريرة مدرجة من بعض الرواة وأنها جارية أخرى وأجاب السبكي بأجوبة أحسنها احتمال أنها كانت تخدم عائشة قبل شرائها وهذا أولى من دعوى الإدراج وتغليط الحفاظ اه قسطلاني (قالت) عائشة: (فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال) لها (أي بريرة) أي يا بريرة (هل رأيت من شيء) أي شيئًا (يريبك) أي يُشَكِّكُكِ فيما قالوا لها (من عائشة؟ قالت له) صلى الله عليه وسلم (بريرة) مجيبة له على العموم نافية عنها كل نقص (والذي بعثك بالحق إن رأيت) أي ما رأيت فإن نافية (عليها) أي على عائشة (أمرًا) أي شيئًا (قط) أي فيما مضى من عمري (أغمصه) أي أعيبه (عليها) بفتح الهمزة وسكون المعجمة وكسر الميم وصاد مهملة صفة لأمرًا أي أمر أعيبه في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015