اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «انْقُضِى رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِى، وَأَمْسِكِى عَنْ عُمْرَتِكِ». فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(انقضي رأسك وامتشطي وأمسكي عن عمرتك) قال النووي: إنها كانت أولًا مفردة ثم تمتعت ولما لم يتمّ لها التمتع بحصول العذر المانع من الطواف أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن تدخل الحج على العمرة فتصير قارنة، وأما قولها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع بحجةٍ؛ فالمراد عمرة منفردة؛ لأن أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلّهن كُنّ متمتِّعات.
وكذلك أرسل معها عبد الرحمن لتكون لها أيضًا عمرة مستقلة تبرعًا؛ تسليةً لخاطرها لا أنه كان ضروريًا لتمام نسكها. قال: والذي يدل على هذا قوله لها: "يسعك طوافك عن حجتك وعمرتك" والأمر بالنقض لم يكن للخروج عن العمرة، فإن الخروج عنها لا يجوزُ بعد الإحرام، وإنما يجوزُ بالإتمام والتحلل وإنما أمر برفض أعمال العمرة، وأمرها بالاغتسال والنهي لإحرام الحج.
وأورد بعضُهم على قوله: لا يجوز لها الخروج عنهما إلا بعد التحلل بقوله: كانت أولاً مفردة، فخرجت إلى التمتع قبل أعمال ذلك فإذا جاز لها الخروج من الحج إلى العمرة، فلِمَ لا يجوز العكس؟ وهذا مردود؛ لأن ذلك كان بأمر الشارع بناءً على حكمة وهو رفض السنة الجاهلية من اعتقاد عدم جواز العمرة في أشهر الحج، فأين وجهُ الملازمة؟ وأين وجود تلك الحكمة. في العكس؟
فإن قلتَ: قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها: "أهلّي بالحج" وقولها: فلما قضيتُ الحج. وقوله لها: "دعي عنكِ عمرتَكِ". يدل على أنها لم تكن قارنة؟ قلتُ: لا دلالةَ في شيء من ذلك، لأن قوله: "يسعك طوافك عن حجك وعمرتك" نصٌ لا يقبل التأويل، وباقي الأحاديث الموهمة قابلةٌ للتاويل.
فإن قلتَ: قوله لها: "أو ما طفت ليالي قَدمْنا مكة؟ " قالت: لا. ما تأويله؟ قلت: تأويله أن منعها عن العمرة كان للعذر، وربما زال العذر قبل الوقوف، فتتم عمرتها. فلما علم أنها لم تكن طافت، فقال: إن لم يحصل لك ذلك فقد حَصَل نوع آخر وهو الحصولُ في ضمن الحج، كما هو شأن القارن، فلما لم ترض ولم تنسك إلا بالعمرة المستقلة، وكانت