«أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ». [الحديث 46 - أطرافه في: 1891 - 2678 - 6956]

ـــــــــــــــــــــــــــــ

سَمِعَهُ. والمعنى: لا أزيدُ على ما سمعتُ لا عملًا ولا إخبارًا، لا سيما إذا كان هذا السائل ضمام بن ثعلبة؛ فإنَّه كان رسول قومه لقوله في الرّواية الأخرى: وأنا رسول من ورائي بني سعد بن بكر. وقيل: كان هذا قبل مشروعية [فرائض] أخرى. وقيل: أورد المبالغة في التصديق، أو أُريد تغيير الأوصاف بأن يَجعَلَ الصبح أربعًا، أو الظهر ثلاثًا. والوجه هو الأول.

فإن قلتَ: سيأتي في كتاب الصيام أنَّه قال: "والذي كرمك لا أتطوع شيئًا، ولا أنقص ممَّا فرض الله"؟ قلتُ: لا ينافي الوجه الأول؛ لأنَّه يخبر -بما يسمع- قومه، واستفاد بتقرير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: إن الاقتصار على الفرائض يوجب النجاة، وإن كانت النوافل توجب الفضيلة. قال النووي: وأمَّا النوافلُ فيُحتمل أنَّه كان قبل شرعها. وفيه بُعْدٌ، وأي معنى لقوله: "إلَّا أن تطوّع" إن لم تكن مشروعة، ولو سلَّم فقوله: "إلَّا أن تطوّع" عين المشروعية وهنا جواب آخر أحسن ممَّا تقدم كله. وهو أن يكون هذا إشارة إلى ما أخبر به من الواجبات. فإنَّها التي لا تقبل الزيادة والنقص بخلاف النوافل، فإنَّها قابلة للزيادة والنقصان.

فإن قلتَ: لم يذكر الحج له. قلت: لم يكن واجبًا.

فإن قلتَ: اختلفت الروايات ففي بعضها أيضًا ترك الصوم، وذكر في بعضها صلة الرحم، وفي بعضها أداء الزكاة، وفي بعضها أداء الخمس. قلتُ: الكل صحيح؛ لأنها زيادات الثقات. قال ابن الصلاح: منشؤه تفاوت الرواة في الحفظ، وقد قدمنا أن زيادة الثقة منه مقبوله.

(أفلَحَ الرجلُ إن صَدَق) وفي بعض الروايات وفي مسلم: "أفلح وأبيه". واستشكل فإنَّه نَهَى عن الحلف بالآباء، كما سيأتي في البُخاريّ في حلف عمر بأبيه، وليس بمشكل؛ لأنَّه لم يرد به معنى الحلف، وهو تعظيم المحذوف به لبُعْدِ مقامه عن الحلف برجل مجهولٍ، بل هذا وأمثالُهُ كلمات تجري في المحاورة من غير قصد إلى معناه. والفلاح هو الفوز بالمطلوب. والهمزة فيه بمعنى التصيير أي: صار ذا فلاحٍ، أو دَخَل في الفلاح.

فإن قلتَ: في رواية أبي هريرة في البُخاريّ ومسلم: "مَنْ سرَّه أن ينظر إلى رجلٍ من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015